يعد “ديفيد هيوم” واحداً من أهم فلاسفة القرن الثامن عشر، حيث دفعت مشكلة الاستقراء التي أشار إليها الى تقويض المنهجين التجريبي والعقلاني معاً، ما أدخل الفلسفة في نفق مظلم لم يستطيع أحد إخراجها منه حتى ظهر “كانط” بمشروعه الكبير عن نقد العقل.
ماذا يعني الاستقراء؟
الاستقراء هو استدلال يعتمد على رصد وتقييم حالات خاصة قليلة للخلوص الى نتائج عامة، مثلاً: نحن نعرف أن الحديد يتمدد بالحرارة، رغم أننا لم نختبر إلا حالات قليلة من تمدد قطع الحديد بواسطة الحرارة.
ما مشكلة الاستقراء؟
ينطوي الاستدلال الاستقرائي على مشكلة منطقية صارخة، إذ إنه لا يمكن البرهنة على صحته منطقياً، فنحن عندما نتوقع حدوث أمر ما مستقبلاً بناء على خبراتنا السابقة بالقضية نفسها نعتمد على مبرر نفسي لا يمكن استنتاجه بأدوات المنطق.
ما علاقة الاستقراء بالسببية؟
يرتبط مبدأ السببية بمشكلة الاستقراء من حيث مركزية فكرة الضرورة المنطقية، إذ إن ارتباط النار بالقدرة على الحرق داخل علاقة سببية، على سبيل المثال، لا يعود إلا أي ضرورة طبيعية أو منطقية، إنما يعود الى الخبرات السابقة التي اختبرت خصائص النار.
لماذا تعد مشكلة الاستقراء كارثية؟
تعكس مشكلة الاستقراء في جوهرها مشكلة اليقين والتعميم، حيث تعد معظم المعارف البشرية استقرائية، وبما أن الاستدلال الاستقرائي لا يتطابق مع قواعد المنطق التي هي أساس المعرفة العلمية، فإن شتى المعارف البشرية تكون معرّضة الى أن تصبح خرافة.
كيف خرجت الفلسفة من هذا النفق المظلم؟
جاء الفيلسوف الألماني الشهير “إيمانويل كانط” بتحفته المعنونة بـ”نقد العقل المحض” نتيجة مباشرة للأزمة التي صنعها هيوم، حيث فكك كانط آليات عمل العقل البشري، مستنتجاً أن حدود العقل هي المساحة الوحيدة التي يمكن استخلاص المعارف في نطاقها.
حقائق عن هيوم
• ولد في 26 أبريل عام 1711 بالعاصمة الاسكتلندية إدنبره.
• تعرف هيوم الى العديد من الفلاسفة الكبار الى حد أنه كانت تربطه صداقات شخصية مع “جان جاك روسو” و “آدم سميث”.
• طلب هيوم أن يعمل أستاذاً للفلسفة بجامعة غلاسكو، لكن طلبه قوبل بالرفض بسبب سيطرة المسيحيين المتشددين على إدارة الجامعة.
• اشتهر هيوم في بداياته مؤرخاً، حيث اعتبر كتابة “تاريخ إنجلترا” مرجعاً للتاريخ الإنجليزي لفترة طويلة.