في يونيو عام 2014، سيطر “تنظيم الدولة” على ثاني أكبر مدينة عراقية بعد التغلب على القوات الحكومية المدعومة دولياً. وهنا يبرز سؤال محير: كيف تُهزم جيوش قوية أمام أفراد غير نظاميين؟ مصطلح حروب الجيل الرابع قد يساعدنا على الإجابة.
التفوق العسكري = نصر مضمون؟
أمثلة كثيرة من حاضرنا تدل على أن الفوز في الحروب مرتبط بأبعاد متداخلة لا تنحصر في القوة العسكرية فقط. لذك ابتدع باحثون في الجيش الأمريكي مفهوم أجيال الحروب في عام 1989 لمحاولة فهم وتصنيف التطورات المستمرة في وسائل الحرب.
الجيل الأول (القوى البشرية)
أهم الخصائص:
• المواجهة المباشرة بين جيشين تقليديين لدولتين متحاربتين.
• أسلوب “الخطوط والأعمدة وتشكيل صفوف من الجنود المتقدمين بأسلحتهم التقليدية نحو العدو، مثل الحروب النابليونية في القرن التاسع عشر.
• النظام: وٌضعت قوانين ورتب عسكرية محددة لمواجهة الفوضى المتزايدة في ساحات القتال.
الجيل الثاني (القوة النارية)
أهم الخصائص:
• استمرار ثقافة النظام مع تراجع التركيز على أعداد الجنود نتيجة تطور العتاد العسكري بعد الثورة الصناعية.
• التخلي عن تكتيك الصفوف والأعمدة لصالح الاحتماء بالخنادق واستخدام المدفعية والطائرات والنيران الثقيلة لاستنزاف العدو في القتال عن بعد.
• ينتصر عادة الطرف المتفوق اقتصادياً القادر على التزود بمعدات عسكرية.
الجيل الثالث (المناورة)
أهم الخصائص:
• تراجع ثقافة النظام ومحاولة التأقلم مع الفوضى واستغلالها ضد العدو.
• الإستعانة بعناصر المفاجأة والسرعة والمرونة بدلاً من الاعتماد على حجم القوى البشرية والنارية فقط.
• الاستفادة من تطور وسائل الاتصال والآلات سريعة الحركة في تنفيذ مناورات برية وبحرية وجوية والالتفاف حول خط المواجهة لمهاجمة العدو من الخلف.
الجيل الرابع (اللامركزية)
أهم الخصائص:
• جيش الدولة لم يعد الطرف الوحيد القادر على القتال بل صارت هناك جهات وأفراد غير حكوميين في الصراع.
• الى جانب النصر العسكري .. برز التركيز على تحقيق مكاسب سياسية عبر المحاربة بأدوات اقتصادية واجتماعية وعسكرية تعجز القوات النظامية عن مواجهتها.
الجيل الرابع
تطلق على حروب هذا الجيل مسميات مثل حرب العصابات وحركات التمرد والأنشطة الإرهابية ويقول خبراء إنها النوع الوحيد الذي هُزمت فيه قوة عظمى كما حدث للولايات المتحدة في فيتنام والاتحاد السوفييتي في أفغانستان. ويشمل هذا الجيل النزاعات بين جيوش نظامية وحركات القاعدة وبوكو حرام وتنظيم الدولة التي تستعين بموارد مثل الدعم الخارجي ووسائل الإعلام والإنترنت والبروباغاندا لتحقيق أهدافها.
الجيل الخامس (الشمولية)
حروب الجيل الخامس تفتقر الى تعريف واضح، لكنها توصف بالحرب غير المقيدة أو المركبة لأنها تفتقر الى مركز ثقل محدد يمكن استهدافه. فالخصوم هنا ليسوا قوة عسكرية منظمة وكلن جهات أو أفراد متحدون حول فكرة أو معتقد ما يجعل أفعالهم يصعب التنبؤ بها.
الجيل الخامس
توسعت أدوات الحرب في هذا الجيل لتشمل الهجمات الإلكترونية والحروب النفسية والتهديدات الاقتصادية مثل قطع إنتاج السلع. إضافة الى أن وسائل الإعلام والإنترنت والمراكز الاقتصادية والدينية صارت كلها مساحات محتملة للقتال ويمكن توظيف العاملين فيها كمقاتلين، كما يمكن أن نقحم نحن الجمهور غير العسكري رغماً عن إرادتنا في هذه الصراعات.
لماذا نصنف الحروب؟
استمر تصنيف الحروب ليتضمن جيلاً سادساً وسابعاً .. لكن البعض يرى أن مفهوم الأجيال غير مفيد عسكرياً. فرغم أهمية فهم تطورات الحروب والتكيف معها إلا أن هذه التصنيفات يمكن أن تؤدي الى حصر جوانب مختلفة من الحروب في أطر محددة قد تحجب الانتباه الى الفروق الصغيرة المهمة.
المصدر: +AJ عربي